منتدى العلوم السياسية و الصحافة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى العلوم السياسية و الصحافة

العلوم السياسية و العلاقات الدولية و علوم الاعلام و الاتصال


    مقارنة بين السيميولوجيا و السيميوطيقا

    avatar
    wasim
    Admin


    عدد المساهمات : 67
    تاريخ التسجيل : 18/09/2009

    مقارنة بين السيميولوجيا و السيميوطيقا Empty مقارنة بين السيميولوجيا و السيميوطيقا

    مُساهمة  wasim الجمعة مارس 12, 2010 10:18 am

    مقارنة بين السيميولوجيا و السيميوطيقا

    منذ أكثر من نصف قرن من الزمان والدراسات السيميائية تشهد توسعاً في كافة المجالات حتى طغت المؤلفات التي تبحث في العلامات وأصنافها على غيرها من الأبحاث؛ وذلك بسبب شمولية هذا العلم الذي بات من الممكن بواسطته التطرق لأي مجال من زاوية سيميائية، فظهرت مجلات وأبحاث في اللغة والبلاغة وعلم الجمال تعتمد على هذا العلم (السيمياء)، وكل هذا يوحى بأنه قد أصبح علماً راسخاً قائماً على تعريفات وقواعد معترف بها يمكن تطبيقها بشكل نافع ومثمر في أي مجال من مجالات العلامات.
    وبالتالي لابد أولاً من الانطلاق من تعريف هذا العلم، فقد أجمعت مختلف المعاجم اللغوية والسيميائية على أن السيمياء هو العلم الذي يدرس حياة العلامات وأنظمتها.
    فكلمة سيمياء ترجع إلى السميوطيقيا/ السميولوجيا (علم العلامات) أما السميولوجيا فهو يرجع إلى تعريف دي سوسير (1857-1913) حيث قال: من الممكن تصور قيام علم يدرس حياة العلامات داخل المجتمع، وسماه سميولوجيا من الكلمة اليونانية التي تعني علامة (Semiologie)، ويكشف عن ما يشكل العلامات وعن القوانين التي تحكمها.
    أما السميوطيقيا (Semiotics) فيرجع إلى شارلز بيرس (1839-1914) الذي قال: ليس المنطق بأوسع معاينة سوى مجرد اسم آخر للسميوطيقيا، أو نظرية العلامات(1)
    إذن تعتبر السيمياء علماً حديثاً بالمقارنة مع غيره من العلوم، إذ ظهرت مع بدايات القرن العشرين، وقد كانت ولادة هذا العلم مزدوجة، ولادة أوروبية على يد "دي سوسير" وولادة أمريكية على يد "شارلز بيرس". فهي قد شهدت لحظتي ولادة في مكانين وزمانين مختلفين في سوسيرا، وأمريكيا(2).
    فقد أشار الأول (سوسير) إلى ولادة علم جديد يدرس العلامات؛ أي: يدرس حياة الدلائل داخل الحياة الاجتماعية، فهو يطلعنا على كنه هذه الدلائل وعلى القوانين التي تحكمها والتي ستكون قابلة لأن تطبق على اللسانيات(3).
    أما (بيرس) فكان يبتكر في الوقت نفسه تقريباً تصوره الخاص للسميوطيقيا بحيث تشمل طرق تكوين الشفرات الرامزة وكيفية حلها، فالأديب يعمد إلى مادة مبذولة في الحياة، مستهلكة ومستخدمة لوظائف الاتصال اليومي ليقيم في داخلها نظاماً فنياً جديداً، يعتمد شفرة موضوعية وجمالية مخالفة لشفرة اللغة والثقافة المألوفة(4).
    لقد رفض (دي سوسير) الفكرة التي ترى في اللغة كومة من الكلمات التي تتراكم تدريجياً لتؤدي وظيفة أولية هي الإشارة إلى الأشياء في العالم، فالكلمات ليست رموزاً تتجاوب مع ما تشير إليه، بل علامات (Signs)، مركبة من طرفين متصلين، أما الطرف الأول فهو إشارة، هي الدال (Signifier)، والطرف الثاني هو المدلول (Signified) أو المفهوم الذي نعقله من هذه الإشارة، ويمكن تمثيل الفكرة التي يرفضها (سوسير) على النحو التالي: الرمز = الشيء، وذلك في مقابل الفكرة التي يؤكدها، وهي:
    دال
    مدلول
    العلامة = (5)
    فاللغة –إذن- لا تكتسب معناها نتيجة الصلة بين الكلمات والأشياء، بل نتيجة كونها أجزاء في نسق من العلاقات، فإشارات المرور ليس لها دلالة إلا بعلاقاتها داخل نسقها، أما العلاقة بين الدال: الأحمر = المدلول: توقف على حدة فهي اعتباطية، فلا يوجد صلة بين اللون الأحمر والتوقف.
    فأساس اللغة أن الكلمات علامات اعتباطية من حيث إن العلاقة بين الكلمة وما تدل عليه اعتباطية، فاللغة من حيث هي تحكمها علاقتان: العلاقة الأفقية بين العناصر اللغوية (Syntagmatic)، والعلاقة الرأسية (the paradigmatic)؛ أي المستوى العمودي للغة الذي ُيوجد العلاقات المختلفة بين كلمات النمط الواحد (6).
    فإذا كانت العلامة هي الإشارة التي تدل على شيء آخر غيرها بالنسبة إلى من يستعملها أو يتلقاها على نحو تقوم العلامة في ذاتها على صلة دال ومدلول ينتج دلالة، فالدال هو البعد الحسي، والمدلول هو البعد التصويري أو المفهوم الذي نعقله، ويؤكد –دائماً- "دي سوسير" على طبيعة العلامة الاعتباطية أو الاختيارية في الوقت الذي يؤثر على طابعها الخطي القائم على تعاقب النطق في الزمن (7).
    وعلى هذا فإن للغة تأثيراً كبيراً في نظرية الأدب في القرن العشرين، وذلك بفضل العالم اللغوي (دي سوسير) فقد حاول أن ينتقل من الدراسة التاريخية للغة، إلى الدراسة التزامنية، أي النظر إلى اللغة بوصفها ضمن مستوى زمني واحد، وقد قسم اللغة إلى لغة (Langue)؛ أي النظام الباطني الذي يحكمه الاستخدام والكلام (Parole)؛ أي كيف تستخدم اللغة عملياً في الممارسة .
    ويطابق الباحثون أحياناً بين المصطلحين (Semiotics) "سيموطيقيا"، وبين (Semiologie) "سيمولوجيا"، وفي أحيان أخرى يجدون اختلافاً بينهما، ولذلك وجدنا أن الأوروبيون يؤثرون مصطلح (دي سوسير)، ومن تلاميذه: الشكلانيون الروس، ولغويو مدرسة براغ وبنيويو مدرسة باريس، أما الأمريكيون فيفضلون مصطلح (بيرس) ومن تلاميذه مورس وكارنات وسواهم.
    إذن فعلى المستوى التاريخي والمعرفي استعملت (السيمولوجيا) مع (سوسير) وانتشرت في الثقافة الأوروبية، أما (بيرس) فقد استعمل مصطلح (السيموطيقيا)، إلا أن المصطلحين عُرفا وانتشرا معاً، إلا أن مصطلح (السيموطيقيا) كان منتشراً أكثر في الثقافات الأنجلوساكسونية والروسية، مع أن (رولان بارت) ومارتيني قد رسخا مصطلح (السيمولوجيا) في فرنسا وغيرها من البلدان الأوروبية(9).
    والواقع أن هناك اختلافاً ليس بسيطاً بين المصطلحين، وهو اختلاف يرتكز على التعارض بين نوعين من العلامة (Singe)، ففيما يحدد (سوسير) العلامة بأنها اتحاد بين دال ومدلول، نجد (بيرس) قد أضاف إلى تلك الصيغة مفهوم المرجع (الواقع المعين بواسطة العلامة) (10).
    1- عند سوسير:
    مدلول
    دال
    الكلمة (الصيغة) علامة (دلالة)
    2- عند بيرس:
    دال
    مدلول
    المرجع
    الكلمة علامة (دلالة)
    (الواقع المعين بواسطة العلامة)
    ولقد انتهى (سوسير) إلى أن اللغة تتألف من إشارات مزدوجة أي ذات وجهين وعلى ذلك فإن موضوع السيمياء عند "سوسير" هي العلاقة من حيث كنهها وطبيعتها، وكذلك الكشف عن القوانين المادية والنفسية التي تحكمها، والعلامة عند (سوسير) وحدة نفسية ذات وجهين مرتبطين ارتباطاً وثيقاً ويتطلب أحدهما الآخر، والوجهان هما: التصور والصورة السمعية، والتأليف بينهما يعطينا الدليل الذي يتوفر على مكونين اثنين: الدال والمدلول، وبالجمع بينهما يتكون المعنى (11).
    واستطاع "سوسير" دفع نظرية الرمز اللغوي إلى مدى أبعد حين انتهى إلى استنتاج افترض فيه علاقة (ما) بين اللغة وبين الرموز، وإشارات الصم والبكم، والإشارات العسكرية، فعلم السيمياء –عنده- يشكل جانباً من علم النفس الاجتماعي، وبالتالي علم النفس العام، يقول روبرت شولز: بما أن علم السيمياء هو دراسة الشفرات والأوساط فلابد أن نهتم بالأيدلوجية، وبالبنى الاجتماعية والاقتصادية وبالتحليل النفسي وبالشعرية، وبنظرية الخطاب (12).
    أما علم السيمولوجيا عند (بيرس) فقد جعله ثلاثياً- على عكس (سوسير) الذي جعله ثنائياً- يتكون من:
    المستحضر (الوسيلة) والموضوع (الشيء الخارجي)، والتعبير (الصورة الذهبية) التي تصدر عن المعبر، وعلى ذلك فلا تستقيم العلامة إلا بالتئام ثلاثة فروع (13) من العلامات:
    1- النمط التصويري (الأيقوني): حيث تشبه العلامة مرجعها.
    2- المؤشر: حيث ترتبط العلامة مع مرجعها برباط يمكن أن يكون رباط السببية.
    3- الرمزي: حيث تغدو علاقة العلامة بمرجعها علاقة اعتباطية كما يحدث في اللغة(14).
    فهو يعني بدراسة نظام محدد من أنظمة التوصيل من خلال علاماته وإشاراته الخارجية، التي تميزه عن غيره، كما أنه يعني بدراسة الدلالات والمعاني أينما وجدت وخصوصاً في النظام اللغوي، فدراسة الشفرات؛ أي الأنظمة فهي التي تمكن من فهم بعض الأحداث، وهذه الأنظمة هي أجزاء أو نواحٍ من الثقافة الإنسانية.
    وبذلك تضع السيمياء نفسها بين موضوعات الدراسات -العقلية- بين الإنسانيات والعلوم الاجتماعية، فكل من ينتج ويفهم هذه الأموال، فاللغة لا تشمل تأركل الرسائل بل تحدد من يخول بقولها، ومن يتطبق أو ينفذ ما جاء فيها أيضاً (15).
    ولقد استخدم الباحثون مصطلحات أخرى قبل مصطلح السيمياء: مثل: سيمانتيك (Semantigue)، أي: علم المعاني، ومصطلح: علم معاجم الألفاظ (Lexicologie)، وهكذا فإن علم الدلالات (السيمياء) هو آخر من ولد من علوم الألسنية في العصر الراهن.
    وظل التجاذب بين المصطلحين إلى أن قررت لجنة دولية في فبراير 1969م تبني استخدام مصطلح السيميوطيقيا (بيرس) وتأسيس الرابطة الدولية للدراسات السيموطيقية.
    وعلى الرغم من اتفاق الجميع على أن مؤسسي هذا العلم هما العالم (سوسير) و(بيرس)، إلا أن بعض الباحثين يرون أن لهذا العلم جذوراً أعمق، ويقولون: إن هذا العلم قد ولد قبل (سوسير) و(بيرس) بكثير، فهو موجود في العصر اليوناني عند (الرواقيين)، وقد كان عندهم تصور للعلاقة على شكل مثلث:
    المشارالية
    المفهوم الذهني
    المفهوم الذهني
    اللفظ
    بل إن بعض الباحثين يرون أن هذا العلم قد وجد عند العرب في شرح ابن سينا للكتاب الثاني لأرسطو، أما في العصور الوسطى فنجد اهتماماً جديداً بطرق الدلالة ووضع دراسة إنتاج الدال، ولكن هذا العلم لم يعيش لأنه ارتبط بحدود الإلهيات، واختفى مع ظهور مدرسة ديكارت التي تهتم بالعقل البشري.
    ومن المعروف أن العرب قد استمدوا هذا العلم من أرسطو من جهة، ومن الرواقيين من جهة أخرى، إلا أن العرب قد أضافوا إليه إضافات لم يعرفها أرسطو ولا الرواقيين، ولعل أوضح دليل على ذلك الاختلاف في نظرية الدلالة بين اللغويين وعلماء المنطق، مما يؤكد أن العرب كان لهم تفكيراً خاصاً بهم (16).
    هذه باختصار أبرز المنابع التي تنبأت واهتمت بموضوع العلامة أو الدليل داخل الحقل اللساني المعاصر، وقد كان لها دور فعال في تأسيس علم السيمياء وإبراز حدودها ومجال اشتغالها.
    أما فيما يتعلق بدخول مصطلح (Semioloie) اللغة العربية، فإن الدارس يلاحظ اختلافاً كبيراً في ترجمة وتعريبه، فقد اقترح بعض الدارسين (17) مصطلح السيمياء، وذلك لأن الأصل الإغريقي ل (Semiotike)، معناه الخاص العلامات أو الدال، و(Sema) بالفرنسية: العلامة، ونجد في العربية (18): السُّومَة والسِّيمة والسِّيماء والسِّيمياء: العلامة، والأصل في سيما وسمي فحولت الواو في موضع الفاء فوضعت في موضع العين فصار سومي، وجعلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، فالسيما ياؤها في الأصل واو وهي العلامة يعرف بها الخير والشر. قال تعالى "تعرفهم بسيماهم" ولذلك فإن استخدام السيمياء لتعريب المصطلح صحيح.
    واقترح بعض الدارسين بديلاً للمصطلح "علم العلاقات" أو "علم العلامات" أو "علم الإشارات" أو "علم الإشارات اللغوية".
    إلا أن المصطلح "السيمياء" هو المقابل الصحيح لهذا العلم، مع أن هناك اختلافاً(19)، هل هو بالقصر "سيما أو بالمد: سيميا، وقد أنشد لأسيد بن عنقاء الفزاري عُميْله حين قاسمه ماله:
    غلام رماه الله بالحسن يافعاً له سيمياءٌ لا تشقُّ على البصرْ
    كأن الثريا عُلقتْ فوق نحره وفي جيدِهِ الشِّعْرَي، وفي وجهة القمر
    له سيمياء: أي يفرح به من ينظر إليه. قال: حكاه أبو رياش عن أبي زيد الأصمعي: السِّيماءُ، فممدودة السيمياءُ، أنشد سمر في باب السِّيما مقصورة للجعدي:
    ولهم سيماء إذا تُبصرهُم تبينتْ ريبةَ من كان سأل
    ولا شك أن: سيما، وسيمياء كلاهما صحيح، لكن المتداول بين الدارسين الممدود، وهو سيمياء، ولهذا فقد قمنا باستخدامه.

    ******
    المرجع
    د. جهاد يوسف العرجا/ أستاذ مساعد للنحو العربي /بكلية الآداب – قسم اللغة العربية /الجامعة الإسلامية بغزة
    محاضرات 2007.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مارس 18, 2024 11:59 pm