منتدى العلوم السياسية و الصحافة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى العلوم السياسية و الصحافة

العلوم السياسية و العلاقات الدولية و علوم الاعلام و الاتصال


    بحث حول تجربة التنمية السياسية في الجزائر منذ 1989

    avatar
    أم وسيم


    عدد المساهمات : 2
    تاريخ التسجيل : 10/10/2011

    بحث حول تجربة التنمية السياسية في الجزائر منذ 1989 Empty بحث حول تجربة التنمية السياسية في الجزائر منذ 1989

    مُساهمة  أم وسيم الخميس أكتوبر 13, 2011 3:33 pm

    مقدمــــة:


    شهدت الجزائر منذ 1989 عدة أحداث داخلية و خارجية، كانت دافعا رئيسيا لإجبار النظام السياسي على إجراء سلسلة من التحولات الديمقراطية، التي صاحبتها العديد من التغيرات السياسية، و الاجتماعية،
    و الاقتصادية و الثقافية، التي جعلتها تعيش أزمة حادة، فرضت عليها إجراء عدة تجارب تنموية بغية تجاوزها، مما يقر بوجود علاقة ما بين التنمية السياسية و الديمقراطية، وانطلاقا مما سبق، تعتبر مسألة التحول الديمقراطي و التنمية السياسية في الجزائر من أهم المسائل التي لابد من لفت النظر إليها، و معالجتها بغية معرفة أيهما يؤثر على الآخر، فقد ربط الكثير من المفكرين و الباحثين التنمية السياسية بالديمقراطية ،وضرورة وجود الديمقراطية كشرط أساسي لتحقيق هذه التنمية ،مما جعل الكثير يقر بمدى تأثير هذه الإصلاحات السياسية على تجربة التنمية السياسية،لذا يمكن صياغة الإشكاليـــة التاليــة:

    ما مدى تأثير الإصلاحات و التحولات السياسية على مسار التنمية السياسية في الجزائر؟

    أو بصورة أفضل: كيف أثرت العوامل السياسية على عملية التنمية السياسية في الجزائر؟

    من المهم، في البداية، الإشارة إلى أن فترة هذه الدراسة تمتد من 1988 – إلى غاية 2005 كفترة تجسد تزامن تطبيق النظام الديمقراطي في الجزائر، و مختلف التجارب التنموية فيها.

    تهدف إشكالية هذه المداخلة إلى صياغة أهم المتغيرات السياسية- المنضوية تحت إطار مفهوم الديمقراطية- المتحكمة في نجاح أو فشل تجربة التنمية السياسية في الجزائر.
    تقوم هذه المداخلة على فرضية أساسية هي:
    كلما زاد الحرمان السياسي، قلت التنمية السياسية، و العكس صحيح. كعلاقة عكسية يكون فيها الحرمان السياسي متغيراً مستقلاً، و التنمية السياسية متغيراً تابعاً،كما تنبثق عنها مجموعة فرضيات فرعية من أبرزها:

    - كلما زادت المشاركة السياسية، زادت التنمية السياسية، علاقة طردية إيجابية.
    - كلما زاد العنف السياسي، قلت التنمية السياسية، علاقة عكسية.
    - كلما زادت الشرعية السياسية ،زادت التنمية السياسية . علاقة طردية إيجابية
    - كلما اتسعت الثقافة السياسية، قلت التنمية السياسية ، علاقة عكسية.
    - كلما زاد الدور الخارجي، قلت التنمية السياسية، علاقة عكسية.
    المنهــج المتبــع:

    لقد تم إتباع المنهج التحليلي: الذي يقوم على تحليل الظاهرة و ربطها بمجموعة علائق إرتباطية، بغية الوصول إلى تحليل أو تفسير مقنع لمدى نجاح أو فشل تجربة التنمية السياسية في الجزائر، و مدى ارتباط ذلك بالتجربة الديمقراطية التي أثرت بشكل كبير على مسارها.






    هناك عدة عوامل و متغيرات سياسية تنضوي تحت مفهوم الديمقراطية ساهمت في نجاح أو فشل تجربة التنمية السياسية في الجزائر من أبرزها:

    أولاً: المشاركة السياسية و التنمية السياسية:

    لقد تعرض لوسيان باي إلى خمس أزمات سماها بالأزمات التنموية التي تصيب النظام السياسي
    و هي: أزمة الهوية، وأزمة الشرعية، و المشاركة السياسية، و أزمة التغلغل، و أزمة التوزيع.
    و تحدث هذه الأزمات أثناء عملية التحديث أو التنمية، و تؤثر على مسارها، و في هذه المداخلة يتم التعرض لعلاقة المشاركة السياسية كمظهر من مظاهر الديمقراطية بالتنمية السياسية قي الجزائر .
    يربط لوسيان باي التنمية السياسية بعملية تحقيق الديمقراطية، واعتبارها مرادفا لعملية إقامة المؤسسات والممارسات الديمقراطية، التي يرمي النظام السياسي من خلالها إلى إجراء تعبئة جماهيرية أوسع واشمل ومشاركة شعبية في الشأن السياسي .

    شهدت الجزائر تجربة التعددية الحزبية منذ 1989، و تم إعداد أول انتخابات تعددية عام 1990،
    و فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية المقاعد، و بعد إقصائها من المشاركة في الدور الثاني من الإنتخابات التشريعية لعام 1991 بدأت تظهر أزمة المشاركة السياسية في الجزائر، حيث واصلت هذه الجبهة الإضرابات و المسيرات، و بتدخل النظام السياسي و محاولته قمع هذا التيار دخلت الجزائر في دوامة من العنف و اللاستقرار، ليستقيل بعد ذلك الرئيس الشادلي بن جديد، و يتدخل الجيش في توجيه مسارا لتنمية السياسية في الجزائر.

    وبذلك ظلت المشاركة السياسية في الجزائر مفتوحة على الطبقة الحاكمة والمنتمين للحزب الواحد او لتلك المؤسسات والواجهات التي يديرها الحزب فقط، وقد تساءل هنتجتون عن ماهية النتائج التي يمكن ان يحملها التدخل العسكري للتحديث والتنمية السياسية ، كما أن المطالب التي يتقدم بها المشاركون السياسيون من قوى المجتمع المدني غير معترف بشرعيتها من قبل النخب الحاكمة.

    كما تمت التضحية بمنجزات التحديث السياسي تحت ذرائع مختلفة مرة باسم المحافظة على وحدة الدولة و المجتمع، و مرة أخرى تحت ذريعة الحؤول دون تفتت السلطة والحفاظ على الأمن ، و بدعوى النضال الجمعي .

    إن تمركز السلطة في يد طبقة حاكمة مستبدة أوتوقراطية، جعل مختلف قوى المجتمع المدني تحرم من المشاركة في الوصول إلى السلطة،سواء عن طريق إقصائها أو حلها، مما أدى إلى إحتكار عملية التنمية السياسية من قبل الطبقة الحاكمة دون مشاركة المجتمع فيها،فالتنمية في الجزائر ما هي إلا تعبير عن إرادة الطبقة الحاكمة والحزب الواحد خالية من الإرادة الشعبية ، فكانت بذلك عملية التنمية لا تعبر عن تنمية مشتركة بين الدولة و المجتمع، و إنما مجرد تنمية من طرف واحد هو الطبقة الحاكمة (تنمية أحادية)،في حين من شروط التنمية الحضارية ان تقودها إرادة شعبية معنية مباشرة بانجاز التقدم فزيادة المشاركة السياسية يؤدي بالضرورة إلى تنمية سياسية ناجحة لأنها تعطي الفرصة لكامل أفراد المجتمع بالمشاركة في النشاطات السياسية و الممارسات الحكومية.
    فانهيارالتنمية السياسية في الجزائر يرجع إلى التفتت والتشرذم السياسي وانعدام المشاركة السياسية، حيث تم غلق المجال أمام الشعب الراغب في التحول السياسي الجذري الآيل إلى خدمة الجماهير ،وكذلك البنى الاجتماعية والسياسية المسيطرة التي تسمح للنخب باحتكار السلطة والثراء والامتيازات والتواطؤ بين الأقوياء بمصالحهم الفئوية.
    فعملية إعاقة قدرة المجتمع و مؤسساته على النمو المستمر يؤدي إلى إنهيار النظام أو ما يسمى بـ " الجمود المؤسسي" أو إنهيار التحديث و يطلق عليه هنتجتون " التفسخ السياسي" "Political Decay وعموما تعتبر المشاركة السياسية أو المجتمعية الفعالة محورا أساسيا لإحداث التنمية السياسية، حيث أن لقوى المجتمع المدني دورا هاما في ممارسة رقابة مسؤولة على الحكومة ،و قوة ضغط على القرار السياسي لتصحيح مسار التنمية السياسية في كل مايتعلق بها من: برامج، ومنطلقات واليات تنفيذ، ،وأهداف، وليس أن تنفرد السلطة السياسية بالقرار السياسي وتغيب المساءلة والمشاركة المجتمعية، ولقد جرى تركيز في تقريري من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عامي 1992-1993على مبدأ المشاركة واعتبار الحرية السياسية عنصرا أساسيا في التنمية السياسية .

    و من هنا يلاحظ، أن المشاركة السياسية هي وجه أو مظهر من مظاهر الديمقراطية، لكنها ساهمت في إعاقة التنمية السياسية في الجزائر.

    لذا كلما زادت المشاركة السياسية، و تم فتح المجال أمام مختلف قوى المجتمع المدني للمشاركة في الوصول إلى السلطة، و بالتالي المشاركة في العملية التنموية، كلما زادت التنمية السياسية، و اتسع نطاقها.

    و منه، كلما زادت المشاركة السياسية، زادت التنمية السياسية و العكس صحيح.


    ثانيا: العنف السياسي و التنمية السياسية:

    تواجه الدولة أثناء عملية التنمية مشكلة المدى الذي يمكن أنه تصله قدرتها على التكيف مع مطالب المشاركة السياسية بكل ما تعنيه من متضمنات انتخابية و تصويتية و إجراءات أخرى تكفل لأفراد المجتمع قدرا أكبر من الحقوق و الحريات، كما تطرأ تغيرات إجتماعية أو إقتصادية أو سياسية تستدعي حلول لها، لذا لا بد لهذه النظم أن تستوعبها و أن تتجاوب معها بمعيار عملية صنع السياسة، بل لا بد من الإستجابة الناجحة للمطالب كأشكال جديدة من التنظيم الإجتماعي و السياسي، و هذا ما يعرف ب "النمو السياسي" طويل الأمد أو المستمر "Sustained Political Growth" كاختبار حاسم للمدى الذي يمكن للتنمية السياسية أن تصله في تحقيق أغراضها، و هكذا يلاحظ حالات التكيف الفاشل مع مثل هذه المطالب، و يدل على ذلك وقائع و أحداث العنف السياسي، فمحاولات الأنساق القائمة الدفاع عن مكتسباتها السلطوية و الإبقاء على الوضع الراهن بمصالح و تطلعات قوى الجماعات الإجتماعية، مما أدى إلى اللجوء إلى أسلوب القمع، و تأزم الأوضاع مما أدى إلى إعاقة مسار التنمية السياسية .

    عموما، عرفت الجزائر تنمية قصيرة المدى، ظهر فيها عجزا لبنى القائمة في التعامل مع المشاكل الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية بشكل إيجابي، و عدم القدرة على الإستمرار، و غياب الشرعية، و ما عرفته الجزائر من إشتداد في الصراع ما بين النظام السياسي و التيار السياسي الديني، و في إطار عمليات العنف السياسي يمارس النظام تأثيره المخرب على مجمل العمليات التحديثية.
    ومن هنا يلاحظ مدى تأثير العنف السياسي على التنمية السياسية في الجزائر كمايلي:


    - حيث أهدر الكثير من الإمكانيات و الموارد المتاحة؛ و التي هي محدودة أصلا.
    - إهمال التنمية السياسية و الانغماس في مسألة تمثل الأولوية الأولى لدى القيادة و هي مسألة الأمن، بحيث يستباح كل شيء باسم الأمن، و مثل هذه القضية (التنمية السياسية ) ينبغي أن ينظر إلى جذورها من خلال إدراك واع بأن التنمية الفعلية لابد من أن يكون من يبن مردودها تحسين الوضع السياسي والأمني من خلال توسيع قاعدة المشاركة المجتمعي .
    - الآثار السلبية المنجرة عن عمليات العنف السياسي من تدمير و تخريب لمختلف مؤسسات الدولة و هياكلها التربوية على التنمية السياسية.
    - تأزم الأوضاع في الجزائر، جعلت النظام السياسي غارقاً في الصراع السياسي،
    و عاجزاً عن التعامل مع مختلف المشاكل الاجتماعية، و الاقتصادية، و السياسية، و الثقافية، بدل الانشغال بتجسيد التنمية السياسية
    - أثناء تعامل السياسي مع مختلف قوى العنف السياسي المتطرفة أعتمد على أسلوب: تجميد الصحف و كبت حرية الإعلام، و إقصاء العديد من التيارات السياسية من المشاركة في العملية السياسية، و كلها مبادئ أو ممارسات تنافى مع مؤشرات التنمية السياسية التي تبرز من خلال: كثافة المشاركة السياسية ووجود الحرية السياسية و الإعلامية المجتمعية، و هكذا ، يلاحظ مدى تاثيرالعنف السياسي على مسار التنمية السياسية في الجزائر.






    ثالثا :الشرعية السياسية و التنمية السياسية:

    عرفت الشرعية بكونها صفة تنسب للنظام ما من قبل أولئك الخاضعين له أتم التعبير من خلال تطابق النظام مع ما تجذ ر في المجتمع من تقاليد عن النظام الصالح، و هي مرتبطة بالرضا على أهداف و سياسات الحكومة أو القابضين عن ناصية الحكم فيها أو هيا كل النظام و مؤسساته أو كلها مجتمعة.

    لقد ارتكز النظام السياسي الجزائري على شرعية ثورية تاريخية غير مبررة ، و أثناء عملية استبدالها بالشرعية الديمقراطية ظهر ما يعرف بالعنف السياسي بين النظام السياسي و قوى المعارضة، و تم استبعاد الخيارات السلمية، و أثناء عملية الانغماس في اختبار القوة بين الأطراف تطلب ذلك حاجة متزايدة إلى تدخل العسكر، و الاعتماد عليه بشكل مقصور من أجل المحافظة على النظام القائم و استمراره في أداء وظائفه و لكن تحت ضلال حرب العسكر ، و بذلك ساهم العسكر في عملية التنمية السياسية نتيجة للفراغ الذي ساد السلطة السياسية آنذاك.
    فغياب الشرعية السياسية في النظام السياسي، الجزائري منذ الإستقلال، و الصراع بين قيادة الأركان و الحكومة المؤقتة ، و محاولة النظام السياسي إثبات شرعيته السياسية الثورية أثناء فترة التحول الديمقراطي ، أدى إلى العنف السياسي الذي أعاق مسار التنمية السياسية فيها.

    و منه تم هدر جهود التنمية السياسية بسبب غياب الشرعية السياسية الديمقراطية في النظام السياسي الجزائري.
    و انطلاقا، من قيام النظام السياسي الجزائري على شرعية ثورية غير ديمقراطية، برز دور الجيش بشكل كبير في عملية التنمية السياسية وذلك من خلال تحديد توجهات و سياسات النظام السياسي الجزائري خاصة بعدما عرفته الساحة الجزائرية من أحداث سياسية من أبرزها : حرمان قوى المجتمع المدني من الوصول إلى السلطة، و تأزم الأوضاع و اندلاع أحداث العنف السياسي، و تدخل الجيش في توجيه مسار السلطة السياسية في الجزائر ،و كذا التعبئة الاجتماعية و السياسية.
    و هكـذا كلما غابت الشرعية السياسية، قلت التنمية السياسية.




    رابعا:الثقافـة السياسية و التنمية السياسية:

    تشير الثقافة السياسية إلى مجموعة القيم و الأفكار و المعتقدات و الاتجاهات و السلوكيات السائدة بين أفراد المجتمع اتجاه السلطة و الحكم .
    ادت الثقافة السياسية في الجزائر إلى إعاقة عملية التنمية السياسية، و برز ذلك لدى مختلف قوى المجتمع المدني كقوى غير حكومية، بالإضافة إلى قوى رسمية تبرز من خلال السلطة السياسية.

    امتازت السلطة الحاكمة بثقافة التعصب و الاحتكار و القمع و الكبت لمختلف القوى الراغبة في المشاركة السياسية في الوصول إلى السلطة، كما امتازت مختلف قوى المجتمع المدني بغياب: ثقافة التسامح السياسي و الفكري، القبول بالتعددية السياسية ، احترام رأي الأغلبية، المساواة ، المشاركة السياسية و الشفافية، و مدى احترام حقوق الإنسان.

    لذا عرفت الثقافة السياسية سواء على مستوى السلطة السياسية ، أو على مستوى المجتمع بتأثيراتها على عملية التنمية السياسية ، حيث أن هذه الثقافة ساعدت على زيادة التطاحن السياسي و التنافس أو الصراع حول السلطة بين كل من السلطة الحاكمة و مختلف قوى المجتمع المدني، مما أدى إلى أزمة العنف السياسي،و الزيادة من كبت الحريات السياسية و الإعلامية، وبذلك ساهمت هذه الثقافة في عرقلة مسيرة التنمية السياسية.





    خامسا : الدور الأجنبي و التنمية السياسية:

    يقصد بالدور الأجنبي: دور كل من القوى الأجنبية البعيدة أو المجاورة جغرافياً لهذه الدول في عملية إعاقة مسار التنمية السياسية.
    لقد ساهمت القوى الأجنبية سواء الإقليمية أو الأجنبية في إعاقة مسار التنمية السياسية في الجزائر، و ذلك من خلال مايلى:

    - أن معظم هذه القوى الأجنبية تأوي أغلب القيادات السياسية لمختلف قوى المعارضة، و مختلف الجماعات الأصولية التي تساهم في أعمال العنف السياسي في الجزائر و في إحداث الشغب والفوضى فيها وبالتالي المساهمة في إعاقة مسار عملية التنمية السياسية فيها.
    - التدعيم المادي و المعنوي لهذه القوى و إعدادها لممارسة الشغب في الجزائر، و بالتالي إعاقة مسار التنمية السياسية، و في هذا المجال :نجد: إيرن، السودان، أفغانستان، البوسنة و الهرسك، الو م أ، فرنسا،...الخ، و كذا تحريضها لهذه القوى على الاستمرار في ممارسة العنف السياسي المضاد لنظم الحكم فيها.
    - التدخل الأجنبي الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية بين الحين والحين الأخر باسم حقوق الإنسان و مكافحة الإرهاب، بهدف إعاقة مسار التنمية السياسية في الجزائر، كما لم تتردد الولايات المتحدة الأمريكية بين كل لحظة و أخرى في طرح الملف الجزائري لاغتيال الرئيس محمد بوضياف ، و كذا التأكيد على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة و الحوار مع الأطراف المتنازعة.
    - كما لعبت مختلف الدول المجاورة دورا هاما في إعاقة التنمية السياسية في الجزائر من خلال القيام بعمليات عسكرية على الحدود المغربية الجزائرية من طرف كل من المغرب و السودان، أدت إلى غلق الحدود المغربية الجزائرية ،بغية إلهاء النظام السياسي الجزائري في المسائل الأمنية ، و إهماله الجانب التنموي السياسي .
    و هكذا يلاحظ، أن للدول الأجنبية دوراً هاماً في إعاقة مسار التنمية السياسية في الجزائر.



    سادسا : الفساد السياسي و التنمية السياسية:


    الفساد : هو أسلوب يميل إلى خرق مقاييس السلوك الرسمية التي يضعها النظام السياسي عادة لمن يمارس خدمة أو وضيفة عامة فينحرف الفرد أو مجموعة منهم، بعضهم مكلف بتأدية واجبات رسمية أو عامة تحت تأثير اعتبارات خاصة يرمي الشخص من خلالها إلى تحقيق أغراض كالثروة او الامتيازات أو المكانة أو ربما ممارسة التأثير من أجل الحصول على نفس النتيجة المتوخاة من فعل ذلك، حينها يمكن وصف هذا النشاط باعتباره فساداً سياسياً .


    وقد أثر الفساد السياسي على عملية التنمية السياسية في الجزائر، اذ ان الصراع بين مختلف الأحزاب السياسية فيها، كثيرا ما يدفع بها إلى انتهاج أساليب ووسائل غير مشروعة للإيقاع ببعضها البعص، كما أن عدم الاستقرار السياسي الذي ساد الجزائر، كثير ما حفز إستغلال السياسيين و ذوي المناصب العليا على انتهاز فرصة توليهم لمواقعهم فينتفعوا من النفوذ الذي يتمتعون به .

    - كما ان قضية الفساد السياسي من القضايا التي دخلت دائرة الصراع بقوة، بعد إقالة الرئيس الشاذلي بن جديد ،فهناك أسئلة تثار في الشارع الجزائري حول المبالغ المالية التي دخلت البلاد نتيجة لتصدير النفط ،وظاهرة الفقر التي تسود أغلبية المدن الجزائرية ،وكذا قضية الثراء الكبير الذي أصاب عددا من المسؤولين في الحكومات السابقة.

    لقد ساهمت قضية الفساد والثراء غير المشروع في تركيب التحالفات داخل السلطة ،
    خاصة بعد ان فتح الرئيس الراحل محمد بوضياف ملف الفساد السياسي، وأعلن ان بحوزته أكثر من أربعة ألاف ملف للفساد السياسي في الجزائر ، وبذلك شهدت السلطة السياسية خلافا بين الرئيس بوضياف وعدة شخصيات عسكرية وسياسية ، أدت إلى وصول الجزائر إلى اعلى درجات العنف السياسي ،وهي اغتيال رئيس الدولة - محمد بوضياف - وتأزم الاوضاع السياسية ،وبالتالي الهاء النضام السياسي الجزائري في القضايا الأمنية وإهماله لعملية التنمية السياسية .

    - ما شهدته الانتخابات الجزائرية من عمليات تزوير، ووجود شرفاء جدا في السلطة، لا يتهمون و لا يقدمون للعدالة أبداً، و كذا على الصعيد المحلي، بين صغار الموظفين، و المراسلين، و رجال الشرطة، و الإداريين،...الخ، كل هذه المظاهر للفساد أثرت بشكل كبير على إعاقة التنمية السياسية و عرقلة مسارها

    إعفاء العديد من الشخصيات البارزة من دفع القروض الضخمة المستحقة عليها من قبل الدولة، و منحها قطع أراضي كبيرة في مواقع تجارية هامة وكذا القروض الكبيرة لبناء العمارات.

    و عموماً كلما زاد الفساد السياسي خاصة لدى الأحزاب السياسية و على مستوى السلطة الحاكمة، كلما قلت التنمية السياسية، فلا وجود لهذه الأخيرة في ظل دولة تسودها هذه الظواهر الشنيعة، ومنه كلما زاد الحرمان السياسي وغابت الديمقراطية ،قلت التنمية السياسية .





























    خاتمة:

    و ختاماً، يمكن القول، أن التحولات السياسية الديمقراطية في الجزائر، أثرت بشكل كبير على مسار التنمية السياسية فيها، وذلك من خلال عوامل و متغيرات سياسية تكمن في كل من:المشاركة السياسية، العنف السياسي، الشرعية السياسية، الثقافة السياسية، الدور الأجنبي، و الفساد السياسي.

    عرفت الجزائر تنمية أحادية مثلتها السلطة الحاكمة دون مشاركة المجتمع فيها لذلك جاءت نتائجها سلبية ،وأدى الصراع السياسي فيها بين السلطة الحاكمة و المجتمع إلى العنف السياسي ،الذي اثر على التنمية السياسية .

    كما أن ارتكاز النظام السياسي الجزائري على الشرعية الثورية، و ضرورة استبدالها بالشرعية الديمقراطية،أدى إلى حدوث العنف السياسي ، و تأزم الأوضاع السياسية التي عرقلت مسار عمليات التحديث السياسي في الجزائر.

    بالإضافة إلى الدور الذي لعبته الدول الأوربية و الولايات المتحدة الأمريكية و حتى الدول العربية الإقليمية،في تدعيمها المادي والمعنوي لمختلف الجماعات الأصولية المتواجدة على أراضيها وكذا تحريضها لمختلف الفئات المعارضة للنظام الحاكم ، كما امتازت كل من السلطة السياسية و الأحزاب السياسية بـ :ثقافة التعصب، رفض الحوار، عد م احترام الرأي الآخر، مما اثر سلبا على تجربة التنمية السياسية في الجزائر ،فضلا عن مظاهر الفساد السياسي على مستوى الطبقة الحاكمة والمحكومة .
    كل هذه العوامل كانت بمثابة متغيرات متحكمة في مسار التنمية السياسية في الجزائر لذلك يمكن القول كلما زاد الحرمان السياسي قلت التنمية السياسية.















    المراجع:


    1- أسامة عبد الرحمن، تنمية التخلف و إدارة التنمية، مركز دراسات الوحدة العربية، 2003.

    2- الحمصي محمود ،خطط التنمية العربية واتجاهاتها التكاملية والتنافرية :دراسة للاتجاهات الإنمائية في خطط التنمية العربية المعاصرة إزاء التكامل الاقتصادي العربي 1960-1970،ط:04،بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية 1986.

    3- حيدر إبراهيم علي، التيارات الإسلامية و القضية الديمقراطية، ط : 02 ، دراسات الوحدة العربية، 1993.

    4- صموئيل هنتجتون، النظام السياسي لمجتمعات متغيرة، ت: سمية فلو عبود، دار الساقي، بيروت ، 1993.

    5- عامر الكبيسي، الفساد و العولمة، المكتب الجامعي الحديث 2005.

    6- عبد الباسط دردور، العنف السياسي في الجزائر وأزمة التحول الديمقراطي،
    ط: 01، دار الأمان للنشر والطبع والتوزيع، القاهرة، مصر، 1996.

    7- عبد اللطيف الهر ماسي، الدولة و التنمية في المغرب العربي، سراس للنشر، تونس، 1993 .

    8- رعد عبد الجليل علي، التنمية السياسية مدخل للتغيير،ط: 01 الجامعة المفتوحة، طرابلس، ليبيا 2002.

    9- محمد العربي ولد خليفة، التنمية و الديمقراطية في الجزائر و المنطقة العربية، ديوان المطبوعات الجامعية 1991.
    المجالات و الدوريات:

    10-حسنين إبراهيم توفيق، "التطور الديمقراطي في الوطن العربي"،السياسة الدولية ،
    العدد:142، مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية بالأهرام أكتوبر 2000.
    11
    - أسامة عبد الرحمان، "التنمية العربية من المسار المغلوط إلى تلاشي الأمل:خطوط عريضة لكارثة الوطن العربي الخليجية المجهزة على أمل التنمية العربية "، المستقبل العربي العدد:156، فيفري 1992.
    12
    - رمضان محمد قرني ،"الجزائر على أبواب الانتخابات البرلمانية" ، السياسة الدولية، العدد: 107 ، مركز الدراسات السياسية و الإستراتيجية بالأهرام، جانفــي 1992 .
    13
    - صايغ يوسف ،" في الاقتصاد السياسي والاجتماعي لإدارة التنمية العربية "، المستقبل العربي ، العدد: 114،أكتوبر 1981.

    14- صادق محمد ،" الإدارة ومستقبل التنمية العربية "،المجلة العربية للإدارة العدد: 1و2،جانفي 1980

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 9:37 am