منتدى العلوم السياسية و الصحافة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى العلوم السياسية و الصحافة

العلوم السياسية و العلاقات الدولية و علوم الاعلام و الاتصال


    حق استخدام القوه ودوره في العلاقات الدولية 6

    avatar
    wasim
    Admin


    عدد المساهمات : 67
    تاريخ التسجيل : 18/09/2009

    حق استخدام القوه ودوره في العلاقات الدولية 6 Empty حق استخدام القوه ودوره في العلاقات الدولية 6

    مُساهمة  wasim السبت أبريل 10, 2010 9:27 am

    ..تابع / حق استخدام القوه ودوره في العلاقات الدولية –

    المطلب الأول : الأمم المتحدة ودورها في حفظ السلم والأمن الدوليين
    من المؤكد أن هيئة الأمم المتحدة كمنظمة دولية عالمية قامت من أجل حفظ السلم والأمن الدوليين في المقام الأول، ثم منع الحروب بعد ذلك، ولقد تأكد هذا من خلال ديباجة ميثاقها والتي جاء فيها "نحن شعوب الأمم المتحدة وقد ألينا على أنفسنا أن ننقد الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف.
    وجاء أيضا في مادته الأولى أن من مقاصد الأمم المتحدة حفظ السلم والأمن الدوليين ولإزالتها تقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم وتتدرع بالوسائل السلمية وفقا للمبادئ العدل والقانون الدولي وجل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم لتسويتها.[137]
    وبسبب التطور الدولي الذي ساد الحياة الدولية عجزت المنظمة وفشلت، فعليا في حفظ السلم والأمن الدوليين وسوف نلقي الضوء في هذا المطلب على الوسائل السلمية لحفظ السلم والأمن الفقرة الأولى، الوسائل الغير السلمية لحفظ السلم والأمن الدوليين الفقرة الثانية.

    الفقرة الأولى : الوسائل السلمية لحفظ السلم والأمن الدوليين
    لقد نص على هذه الوسائل في الفصل السادس من الميثاق وعلى الأخص في المادة 33 منه والتي حددت هذه الوسائل في الوسائل السياسية أو الدبلوماسية والوسائل القضائية، وكذا اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية.[138]
    وتبدو وسائل الحل السلمي أو الودي سندها في المادة 312 من الميثاق والتي ألزمت الدول الأعضاء في الجماعة الدولية وليست الدول الأعضاء في المنظمة الدولية بأن يسووا ما بينهم من منازعات بالوسائل السلمية شريطة ألا يتعارض هذا مع الميثاق أو أن يضر بالسلم والأمن الدوليين أو أن يعرضه للخطر نفس الحكم نصت عليه المادة 33/1 من الميثاق والتي أوجبت على جميع الدول في جميع المنازعات التي من شأنها أن تعرض السلم والأمن الدوليين للخطر أن يبادروا إلى حله بطريقة المفاوضة والتحقيق والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية أو أن يختاروا اللجوء إلى التنظيمات والوكالات الإقليمية أو أن يختاروا الحل الذي يناسبهم.[139]
    وتكمن وسائل الحل السلمي فيما يلي :

    أولا : الوسائل السياسية أو الدبلوماسية
    وتعتبر هذه الوسيلة من أحسن الوسائل السلمية لحل المنازعات الدولية وأيسرها وهي وسيلة تتميز بالاحترام الشديد للسيادة الوطنية للدول الأخرى، وهي من الوسائل الاختيارية ولا تفرض على الدول ولما لها من مزايا فهي وسيلة أو وسائل واجبة الإتباع لجميع الدول كبيرها وصغيرها لكونها مجرد اقتراحات تقدم للدول وغير ملزمة لهم معا يعني الاعتراف للأطراف بحق البحث عن وسيلة أو وسائل أخرى خارج نطاق القانون لحل نزاعهم.
    وتتلخص الوسائل السياسية أو الدبلوماسية فهي ما يلي :
    ‌أ- المفاوضات :
    وتعني التحاور والنقاش بين أطراف النزاع وصولا إلى اتفاق بشأن النزاع يجمع بين وجهات النظر المتفرقة أو كما عرفها البعض أنها "ما يتم بين الأطراف مباشرة من الحكم رد بشأن موضوع النزاع مما قد يسفر عن اتفاق بين أصحاب الشأن في حله".[140]
    ومن المتفق عليه أن التفاوض قد يقوم به رؤساء الدول المتنازعة أو رؤساء الحكومات أو وزراء الخارجية أو أي أشخاص آخرين يوكل إليهم القيام بهذه المهمة ويتوقف تحديد أشخاص التفاوض على الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الأطراف، وعلى طبيعة الموضوع محل البحث أو التفاوض وتعد المفاوضات من أقصر وأيسر الطرق السياسية والدبلوماسية لحل المنازعات وذلك لعدم تقيدها بإجراءات شكلية معينة، ولقد نجحت هذه الوسيلة في تسوية العديد من المنازعات. ويلاحظ عند استعمال الأطراف المتنازعة لهذه الوسيلة أن نجاحها يتوقف على مجموعة من العوامل المجتمعة نذكر منها :
    1- حسن النية لدى الأطراف المعنية.
    2- الجدية في تسوية النزاع والرغبة الأكيدة في الوصول إلى حل النزاع.
    3- طبيعة النزاع المراد حله.
    4- طبيعة العلاقة بين الأطراف المتنازعة.
    5- مراعاة التساوي أو على الأقل وجود نوع من التوازي في مراكز الأطراف المتنازعة لأن هذا التعادل أو التوازي.
    أمر يتوقف عليه حل العديد من المنازعات الجوهرية وأخيرا إذا لم تنجح المفاوضات المباشرة في الوصول إلى حل النزاع وجب على الأطراف إفساح الطريق أمام أي دولة أخرى ثالثة وذلك بالسماح لها بالتدخل كوسيط بين الأطراف المتنازعة وهو ما نراه في الوسيلة الثانية على النحو التالي :
    ‌ب- الوساطة :
    تعتمد الوساطة على تدخل دولة من دول الغير فيما بين الأطراف المتنازعة وذلك من أجل التقريب بين وجهات المتنازعين بل له أن يقدم المقترحات لهم لحل هذا النزاع، ورغم دور الوساطة إلا أنها وسيلة غير ملزمة، فالأطراف لها القبول أو الرفض دونما أدنى مسؤولية عليها.
    وإن كان هذا الرفض يعد عملا عدائيا في بعض الأحيان والمثل الواضح لرفض الوساطة رفض حكومة المغرب عام 1996 وساطة مصر لحل النزاع الدائر بين مصر والجزائر، وبخصوص رسم الحدود بينهما وبين الجزائر بخصوص رسم الحدود فيما بينها وتفصلها عرض النزاع على منظمة الوحدة الإفريقية وأحيانا تنجح الوساطة في حل النزاع مثال ذلك وساطة الولايات المتحدة الأمريكية أواخر 1989 فيما بين جمهورية مصر العربية وإسرائيل لحل النزاع الدائر بينهما حول شبه جزيرة سيناء التي كانت محتلة من طرف إسرائيل، والتي انتهت إلى إبرام اتفاقية السلام المعروفة باسم اتفاقية كامب ديفيد 26 سبتمبر 1989 وكذلك وساطة الولايات المتحدة الأمريكية بين فلسطين وإسرائيل لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي منذ 1991 والذي انتهى إلى إبرام اتفاق أسلو واحد وأسلو 2، والذي اعترف بموجبه بالسلطة الفلسطينية وبحقها في إقامة دولة فلسطين على منطقة غزة وأريحا وهذه الوساطة لازالت مستمرة لحد الآن.[141]
    ‌ج- التحقيق :
    ويقصد بالتحقيق البحث والتحري واستجلاء الأمر لكشف الغموض الذي يحيط بنزاع، إما بواسطة لجنة مكونة من شخصين أو أكثر بمعرفة كلا الأطراف المتنازعة تسمى باسم لجنة تقصي الحقائق وتكون مهمتها كلها معرفة أسباب النزاع ودوافعه والطرف البادئ بالعدوان واقتراح الحل الأمثل للنزاع لمساعدة الأطراف على حله وتنتهي اللجنة إلى رأي قانوني يسنده الاقتراح المقدم من اللجنة وهو رأي قانوني غير ملزم رغم أنه يتسم بالحياد ويسهل على الأطراف الوصول إلى حل النزاع.[142]
    وإلى جانب التحقيق هناك وسيلة تعتمد على التقريب بين وجهات النظر تمهيدا لحل النزاع وهو التوفيق.
    ‌د- التوفيق :
    تعتمد هذه الوسيلة على بحث النزاع ومحاولة فهم ومعرفة دوافعه واقتراح الحل الأمثل له والتقريب بين وجهات نظر الأطراف تمهيدا لحل النزاع وهي وسيلة غالب ما تتم على يد خبراء متخصصين، ويتم تشكيلها بمعرفة الطرفين وتحظى بثقة الأطراف والتي تقوم كما قلنا ببحث النزاع ومعرفة أسبابه واقتراح الحل الأمثل له والتقريب بين وجهات نظر الأطراف تمهيدا لحل النزاع، وهي الوسيلة غالبا ما تتم على يد خبراء متخصصين ويتم تشكيلها بمعرفة الطرفين وتحظى بثقة الأطراف والتي تقوم على بحث النزاع ومعرفة أسبابه واقتراح الحل الأمثل غير ملزم للأطراف بالمرة وهو ما يميز هذه الوسيلة عن غيرها من الوسائل كالتحكيم، ولقد اتبعت هذه الوسائل في ظل عصبة الأمم المتحدة حيث أبرم العديد من المعاهدات في ظلها وذلك بهدف تنظيم التوفيق بوصفه أحد الوسائل الناجحة لحل العديد من المنازعات، ومنذ الحرب العالمية الثانية اكتسب التوفيق أهمية كبرى في حل العديد من المنازعات كالنزاع بين مصر وإسرائيل عام 1989 بشأن قضية طابا ولكن قلت أهمية هذه الوسيلة في الوقت الحاضر لصعوبة تشكيل مثل هذه اللجان.[143]
    ‌ه- التحكيم الدولي :
    ويقصد به حل المنازعات الدولية من خلال أحكام قضائية تصدر ع ن محاكم أو هيئات تحكيم مختارة أي من خلال قضاة يختارهم الخصوم، وتطبق في أحكام هيئات التحكيم القواعد القانونية التي يختارها الخصوم المستمدة من القانون الدولي أو القواعد القانونية الأنسب للنزاع، وبذلك لا يكاد يختلف التحكيم الدولي عن القضاء الدولي لأن كلاهما يستهدف حل النزاع بيسر وسهولة ولكن رغم هذا التماثل والتشابه إلا أن هناك فروقا واضحة بين هاتين الوسيلتين، فالتحكيم يغلب عليه الطابع الرضائي أو الاتفاقي، فهو وسيلة لا يمكن اللجوء إليها إلا من خلال اتفاق أو رضاء الأطراف المتنازعين أيضا أن التحكيم الدولي ذا طابع اختياري فهو يتشكل من قضاة مختارون من قبل الأطراف وهو ليس موجودا في القضاء، فعن طريق اتفاق يبرم فيما بين المتنازعين سلفا يسعى باسم مشارطة التحكيم يقوم الأطراف المتنازعون باختيار المحكمين بين فقهاء القانون والخبراء المتخصصين أيضا، فإن الحكم القضائي الصادر من المحاكم الدولية يتمتع بقوة ملزمة إلا أن حكم التحكيم إن كان يتمتع بقوة الإلزام بالنسبة لأطرافه إلا أنه يتخذ بالقوة لأن تنفيذه يتوقف على إرادة الدول الصادر لمصلحتها، وذلك لعدم وجود السلطة الدولية القائمة على تنفيذ الأحكام القضائية الدولية بالقوة ومع ذلك فالمتتبع للممارسات الدولية يجد أن هناك اتجاها واضحا نحو احترام أحكام محاكم التحكيم وتنفيذها بالقوة، وذلك قياسا على وضع أحكام محكمة العدل الدولية التي عهد الميثاق بتنفيذها بالقوة لمجلس الأمن عملا بأحكام المادة 94 من الميثاق.[144]
    ومن المستقر عليه أن حل المنازعات الدولية عن طريق التسوية القضائية المتجسدة فيما يصدر عن المحاكم الدولية من أحكام قضائية على سند من القانون، يكفل لها الوجود الدائم الذي من خلاله تتمتع الأحكام القضائية بالثقل أو القوة الذاتية. وبالتالي تعد هذه الأحكام أحكاما نهائية فيما قضت به ولا يجوز الرجوع فيها أو تعديلها إلا من خلال تعديل الاتفاقيات الدولية نفسها وهذا ما يميز هذا القضاء عن هيئات التحكيم التي يغلب عليها طابع التأقيت.
    وهذا وللقضاء الدولي تاريخ طويل فقد وجد هذا النوع من القضاء منذ أن وجد التنظيم الدولي فتعد المحكمة الدائمة للعدل الدولي أول محكمة دولية ذات اختصاص عام وشامل بنظر المنازعات التي تثور بين الأطراف، ورغم النص عليها في المادة 14 من عصبة الأمم إلا أنها كانت تعد جهازا مستقلا عن العصبة حتى أن نظامها الأساسي كان بمثابة الوثيقة المنفصلة عن عهد العصبة.[145]
    وتمارس المحكمة اختصاصا قضائيا عند تصديها للمنازعات التي تثور بين الأطراف وفق نظامها الأساسي، وإلى جانب اختصاصها القضائي ولها وظيفة إفتائية واستشارية، وفق ما يطلب منها من كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن وسائر فروع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وإذا كانت محكمة العدل الدولية هي أداة المنظمة الدولية العالمية القضائية الوحيدة إلا أن هذا لا يمنع من وجود محاكم إقليمية تختص بالفصل في المنازعات الإقليمية، ومن أهمها محكمة عدل الجماعات الأوروبية ومحكمة حقوق الإنسان التابعة لمجلس أوروبا والهيئة القضائية التابعة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول وكذلك الآلية القضائية لفض منازعات منظمة التجارة العالمية.
    ‌و- اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية :
    من المقرر أن دساتير المنظمات الإقليمية تشتمل دوما على نص أو أكثر يقضي بإلزام أعضائها باللجوء إلى التسوية السلمية لمنازعاتها الدولية، مثل النص الذي أوردته منظمة الوحدة الإفريقية ومنظمة الدول الأمريكية ومنظمة حلف شمال الأطلسي وجامعة الدول العربية.
    ومما يذكر هنا أن لهذه الآليات أو التنظيمات الإقليمية دور ملحوظ في حل العديد من المنازعات الدولية دونما أن يؤدى هذا إلى إحداث نوع من التضارب من الاختصاصات وذلك بفضل إتباعها لمبادئ معينة نهجت على السير على منوالها أهمها:
    - أنه يتعين على الأطراف المتنازعين الأعضاء في تنظيم إقليمي معين أن يلجأوا أولا إلى هذا التنظيم لتسوية مثل هذه المنازعات فليس من المستحسن أن يلجأ هؤلاء الأطراف أولا إلى مجلس الأمن لتسوية نزاعهم بدلا من تنظيماتهم بل أن مجلس الأمن يجد أولا الأطراف إلى اللجوء لهذه التنظيمات أو لا التماس لحل منازعاتهم الدولية قبل اللجوء إليه دونما أن يؤثر هذا في صلاحية مجلس الأمن في فحص أي نزاع أو موقف قد يرى أن استمراره قد يضر بالسلم أو الأمن الدولي حتى لو شرعت منظمة إقليمية في فحص النزاع ولكن يكون هذا من مجلس الأمن بصدر شديد حتى لا يعوق تدخل مساعي المنظمات الإقليمية.[146]
    - ومما يذكر أن هناك العديد من الأمثلة للمنازعات الإقليمية التي كان للتنظيمات الإقليمية مع تدخل مجلس الأمن دور كبير في حلها منها مثلا النزاع العراقي الكويتي عام 1961 عند حصول الكويت على استقلالها ومعارضة العراق لذلك ومحاولة ضمها إليها على أنها جزء من أراضيها، فأصدرت الجامعة العربية آنذاك قرارا بتشكيل قوات طوارئ عربية تمركزت على الحدود بين الدولتين محل القوات الأجنبية وكذلك شكوى لبنان ضد الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 لاتهامها بالتدخل في شؤونها الداخلية والتي عرضت على مجلس الأمن وأجل فيها مناقشاته رغم إدراجها في جدول أعماله وذلك لسماح لجامعة الدول العربية لحل هذا النزاع ولو لا اعتراض لبنان على بحث مجلس الجامعية بالشكوى ما تدخل مجلس الأمن وبحث النزاع وتصدى له.[147]
    وهناك العديد من الأمثلة التي تدخل فيها مجلس الأمن بصحبة الجامعة العربية منها النزاع العراقي الكويتي عام 1990 والذي أصدر فيه قرار رقم 660 في 2 من أغسطس.
    إلى أنه هناك مجموعة من المنازعات لا يتم حلها بالطرق السلمية أو لا توجد الوسائل سلمية لحلها لذلك كان على واضعي الميثاق أن يبحثوا على وسيلة أكثر فعالية في حل هذه المنازعات لذلك فكر واضعوا الميثاق في وضع وسائل قسرية كفيلة بردع المعتدى ومنع العدوان.

    الفقرة الثانية : الوسائل غير السلمية لحفظ سلم الأمن الدوليين
    من المقرر أن للأمم المتحدة العديد من الوسائل القسرية أو غير السلمية لحفظ السلم والأمن الدوليين وهذه الوسائل تضمنها الفصل السابع من الميثاق بدءا من المادة 39 إلى المادة 51 من الميثاق والتي حدد تلك الوسائل وهي أولا حالة الأمن الجماعي المنصوص عليها في المواد 39 و42 و43 من الميثاق، وكذلك حق الدفاع الشرعي المنصوص عليها في المادة 51 ثم حالة استخدام القوة ضد العضو الممتنع عن تطبيق حكم محكمة العدل الدولية عملا بالمادة 94 من الميثاق، ولقد تعددت هذه الحالات ومنها :
    ‌أ- حالة الأمن الجماعي : لقد استحدث الميثاق نظاما للأمن الجماعي ضمنه الفصل السابع منه وخاصة المادة 39 والمادة 42 من الميثاق وهما اللتين أعطتا لمجلس الأمن مهمة تطبيق الوقائع والأحداث وتحديد ما إذا كان هناك نزاعا ما من شان استمراره أن يهدد حفظ السلم والأمن الدولي أو أن يعرضه للخطر أو أن يكون هناك عدوانا بوصفه الجهاز الوحيد صاحب القدرة والاختصاص بحفظ السلم والأمن الدولي، فإذا ما تأخذ من وجود حالة من هذه الحالات كان له أن يعمل أحكام المادة 42 من الميثاق والتي أعطت لمجلس الأمن إذا رأى أن ما نص عليه المادة 41 من الميثاق لا يكاد يفي بالغرض المطلوب أن يتخذ بطريق القوة الجوية والبحرية والبرية مما يلزم من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه ويجوز أن تشمل هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق قواته الجوية والبرية والبحرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة وإن كان الأمر أخف وطأة من إتباع نص المادة 41 من الميثاق والتي أعطت لمجلس الأمن دعوة الأطراف لحل النزاع عن طريقة اختيار إحدى الوسائل المنصوص عليها في المادة 33 من الميثاق وهي وسائل الحل السلمي للمنازعات وهو ما يعني عدم التزام مجلس الأمن بإتباع الترتيب الوارد في الميثاق.[148]
    وإن كان أمر إتباع إجراء دون الآخر مسألة تقديرية لمجلس الأمن الذي له حرية إتباع إجراء دون آخر، فمثلا أحيانا قد يرى مجلس الأمن أن أمرا ما قد يعد إخلالا بالسلم أو عدوى، فمثلا بشأن الوضع في روديسيا الجنوبية أصدرت وزارة رقم 232 لسنة 1966 من 16 ديسمبر 66 حيث أشار فيه المجلس إلى أنه يتصرف وفقا لنص المادتين 39 و41 من ميثاق الأمم المتحدة بوصفه أن الأمر كله يشكل تهديدا للسلم والأمن الدولي وقريب من هذا القرار رقم 660 والصادر في 2 أغسطس 1990 بخصوص الغزو العراقي لدولة الكويت واحتلاله لكامل أرضه إذ أكد القرار أن مجلس الأمن إذ يقرر أنه خرق للسلم والأمن الدوليين فيما يتعلق الغزو العراقي للكويت وإذ يتصرف بموجب المادتين 32 و40 من ميثاق الأمم المتحدة، وبخلاف الحال فيما يتعلق بقراره رقم 418 بخصوص جنوب إفريقيا والصادر عام 1977 والذي أخذ فيه امتلاك جنوب إفريقيا للأسلحة والمعدات المتعلقة بها يشكل تهديدا للمحافظ على السلم والأمن الدوليين.
    ورغم الحالات المتقدمة إلى أن هناك حالات يستخدم فيها مجلس الأمن سلطاته وصلاحياته الممنوحة له بموجب أحكام الفصل السابع من الميثاق، وخاصة المادة 42 من الميثاق والتي تعد تطبيقا حيا لحالة الأمن الجماعي ذلك لأن المادة من الميثاق أعطت لمجلس الأمن عند فشل جميع الحلول الواردة في المادة 41 من الميثاق وهي الحلول السلمية أن يتخذ ما يراه ملائما من السلطات والصلاحيات اللازمة عن طريق القوات الجوية أو البحرية الموضوعة تحت تصرف المنظمة الدولية والتي تحدد أعدادها وقدرتها وصلاحياتها بموجب الاتفاقيات التي تبرم بين المنظمة الدولية ودول الأعضاء عملا بالمادة 42 من الميثاق.
    ويعد القرار رقم 678 في 29 نونبر 1990 من أخطر القرارات وأكثرها تطبيقا لحالة الأمن الجماعي وهو الذي أعطى لجميع الدول المتحالفة في ظل الأمم المتحدة استخدام كافة الوسائل الممكنة من أجل إنهاء عدوان العراق على الكويت، ورغم أن هناك شبه إجماع بين فقهاء القانون الدولي على أن استخدام القوة في الخليج إعمالا لحق الدفاع الشرعي الجماعي المنصوص عليه في المادة 51 من الميثاق إلا أن تطبيقا لحالة الأمن الجماعي المنصوص عليها في الميثاق في الفصل السابع منه، ومما يذكر هنا أن مجلس الأمن إن كان قد سمح للقوات المتحالفة ضد العراق عند غزوه للكويت باستعمال القوة إلا أنه رفضه عند ادعاء أمريكان بأن النظام العراقي نظام خطر ومهدد للسلم والأمن الدوليين لكونه يساند الإرهاب ويمتلك أسلحة الدمار الشامل. ويلاحظ أن حالة الأمن الجماعي ليست هي الوحيدة لاتخاذ التدابير القسرية أو غير السلمية فهناك حالات أخرى منها أن يكون هناك تهديد للسلم والأمن الدوليين وفقا لنص المادة 39 من الميثاق ويتمثل في حالة تهديد السلم أو الإخلال به.
    ‌ب- حالة تهديد السلم أو الإخلال به : ويقصد بتهديد السلم والأمن تهديد دولة لأخرى بالدخول معها في حرب أو القيام بعمل من أعمال التدخل أو التهديد أو باستخدام إحدى صدور العنف أو من خلال وقوع صدام داخل إحدى الدول ويكون ذلك على قدر كبير من الجسامة والعنف، بحيث يؤدي إلى تعريض مصالح الدول الأخرى للخطر فإذا ما حازت أطراف النزاع على وصف المحاربين فإن الأسر يتعدى حدود تهديد السلم والأمن إلى الإخلال به بصفة فعلية.[149]
    ويعد أيضا تهديدا للسلم تكوين جماعات مسلحة في إحدى الدول وتدريبها بقصد غزو إقليم دولة محاورة مثلا، ويتضح هذا النشاط حينما تتوافر المعلومات الكافية عن هذه الجماعات لدى أجهزة الدولة المهددة ومطالبتها للدولة بمصدر التهديد بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكوين ونشاط هذه الجماعات ورفض الدولة الأخيرة لهذا الطلب، ومما يذكر منا أنه ليس كافيا للقول تهديدا السلم والأمن الداخلي لدولة ما أو للسلم والأمن الدولي، توافر معلومات استخبارتية عن وجود مثل هذه الجماعات لأن هذه المعلومات ليست كافية للاستناد إليها لتكييف موقف كهذا. وللعلم فإن هذه المعلومات معلومات غالبا ما تنقصها الدقة وعدم التحديد لذلك إن تم الاستناد إليها في إصدار قرار لمواجهة مثل هذا التهديد فإن هذا يشكل قصورا من مصدر القرار ومخالفة جسيمة لأحكام وقواعد القانون الدولي وخاصة المادة 39 من الميثاق، وعليه فإن الغارة الإسرائيلية ضد سوريا في أواخر عام 2003 بزعم إيواء سوريا لمعسكرات تدريب لأفراد من شبكة تنظيم القاعدة تعد انتهاك السيادة السورية ومخالفة جسيمة لأهم مبدأ من مبادئ القانون الدولي المعاصر وهو مبدأ السلامة الإقليمية، يضاف إلى ما تقدم أن جميع الحروب الأهلية رغم أنها حروب داخلية قد تكون مهددة للسلم والأمن الدوليين إذا ما عظمت وتطورت المساعدات الخارجية لأطرافها المتناحرة وأدت إلى تطورها إلى حرب دولية، وهو رأي ليس بالحديث بل هو رأي قديم منسوب إلى محتل المملكة المتحدة أمام مجلس الأمن قد بحث المشكلة الكورية عام 1950، وعلى كل فإذا كانت مسألة تقدير وجود تهديد من عدمه متروك لمجلس الأمن إلا أن الأخير قد يتوسع أحيانا توسعا غير مرغوب فيه في فكرة بتهديد السلم والأمن الدوليين، ولقد شوهد هنا في مؤتمر رؤساء الدول والحكومات المنعقد في 21 يناير 1992 عندما عبر قادة ورؤساء حكومات العديد من الدول كالمغرب والإكوادور وبلجيكا فقد ركز بعضهم على الفقر والتخلف كأحد الأسباب الرئيسية وراء تهديد السلم والأمن الدوليين ورأي البعض أن تدفق اللاجئين عقب الحروب الأهلية يشكل أكبر العوائق أمام استقرار السلم والأمن الدوليين في حين ركز رئيس أمريكا على الإرهاب الدولي بوصفه أحد الأسباب المؤدية لتهديد السلم الأمر الذي جعل كلمة رئيس مجلس الأمن آنذاك ثمن معبرة عن جميع هذه الآراء ووجهات النظر وذلك عندما قال "5- إن لمجلس الأمن إذا رأى عدم جدوى حل النزاع من خلال الإجراء السابق أن يصدر قراره بإلزام أو توجيه الأطراف إلى إتباع إحدى الوسائل السلمية المنصوص عليها في المادة 33 من الميثاق لحل النزاع، 6- لمجلس الأمن إصدار قراره بوقف إطلاق النار بين الجانبين مثل قراره في المسألة الأندونيسية عام 1947 بوقف إطلاق النار مع التوصية بدعوة الأطراف لحل النزاع من خلال اللجوء للتحكيم أو غيره من الوسائل الأخرى تطبيقا لذلك أصدر مجلس الأمن قرارا في 25 من أغسطس 1947 بشأن النزاع نفسه بتشكيل لجنة قنصلية عامة للسهر على وقف إطلاق النار ولجنة ثلاثية لعرض مساعيها الجيدة على الأطراف تمهيدا لحل النزاع".
    ومن ذلك أيضا قرار مجلس الأمن بدعوة تركيا وقبرص بعد نزول القوات التركية أراضي قبرص إلى حل النزاع عن طريق المفاوضات المباشرة بعد إصدار التوصية بضرورة وقف إطلاق النار.
    هذا ولمجلس الأمن في ممارسة هذه السلطات الحرية التامة ولا يقيده أو يحد من اختصاصاته هذه إلى قيدين :
    ‌أ- مراعاة مجلس الأمن بما قد تكون اتخذته الأطراف المتنازعة من إجراءات لتسوية النزاع.
    ولا يعني هذا القيد التزام مجلس الأمن بالنتائج التي توصل إليها الأطراف إنما فقط مجرد مراعاة مجلس الأمن لما قد تتخذه الأطراف المتنازعة من إجراءات.
    ‌ب- لمجلس الأمن تقديم توصياته مع مراعاة أن المنازعات القانونية يستبعدها تماما من جدول أعماله ويوجه الأطراف المتنازعة إلى عرضه على محكمة العدل الدولية وفقا لأحكام النظام الأساسي للمحكمة عملا بالمادة 36/3 من الميثاق.[150]
    إلى أنه قد تسيطر بعض النزاعات السياسية على منظمة ما مثل منظمة الوحدة الأمريكية التي قامت نهاية القارة الأمريكية من حظر الحد الشيوعي، فيجب على الأطراف المتنازعة الأخذ بعين الاعتبار أن الأمم المتحدة هي صاحبة الاختصاص العام والشامل والأصيل في حل المنازعات الدولية، وعلى الدول المتنازعة أن تفاضل فيما بين المنظمة الإقليمية والأمم المتحدة عند عزمها على حل نزاع ما نشب بينها.
    - دعوى الأطراف المتنازعة لحل منازعاتها وفقا لأسس خاصة عملا بأحكام الميثاق :
    وتتلخص هذه الأسس فيما يلي :
    1- أن شروع الأطراف لحل خلافاتهم بإحدى الوسائل السلمية المنصوص عليها في المادة 33 من الميثاق لا يخول مجلس الأمن في التوصية بما يراه ملائما من الإجراءات وطرق التسوية المناسبة للنزاع.
    2- إن مجلس الأمن حر في اختيار وقد تدخله من تلقاء نفسه، ووفقا لمبادرة خاصة ودونما حاجة لإسراع انتباهه من قبل دولة عضو أو حتى من قبل الأمين العام أو من قبل الأطراف المتنازعة ذاتها.[151]
    3- إذا كان لمجلس الأمن حرية كاملة في اختيار وقت تدخله فهو حر أيضا في رفض هذا التدخل إذا ما قدر أن تدخله غير مناسب أو أنه سوف يزيد الأمور تعقيدا.
    4- لمجلس الأمن إن قدر أن الأمر أو النزاع يستدعي تدخله فهو وحده صاحب القرار في تحديد العمل أو الإجراء الذي يتخذه في مواجهة هذا النزاع فله وحده أن يقرر ما إذا كان النزاع يستدعي القيام بأعمال حربية أو أنه يقتضي فقط اتخاذ إجراءات كالتوجه بوقف الأعمال العدوانية، وغالبا ما يتم تشكيل لجنة لتسهر على تطبيق مثل هذه التوصية وخير مثال على ذلك هذا الإجراء ما قام به مجلس الأمن عام 1948 عند إصداره للقرار الخاص بوقف أعمال العنف في فلسطين وتطبيق هذا القرار السلم والأمن الدوليين لا ينبثقان فقط من عيبه الحروب والمنازعات المسلحة فتحة تهديدات أخرى غير ذات طبيعة عسكرية للسلم قد تجد مصدرها في عدم الاستقرار الذي يوجد في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والبيئية، إن هذا الوضع يستوجب من جميع أعضاء الأمم المتحدة العمل داخل نطاق الأجهزة المختصة لإعطاء الأولوية الكبرى لحل مثل هذه المشاكل.
    ورغم أن البعض قد رأى أن آراء رؤساء الدول والحكومات إنما جاء تعبيرا عن مجموعة من المصالح لدى عدة دول مما يستوجب إصدار توصيات بشأنها وفقا لأحكام الفصل السادس وليست تدميرا وفقا لأحكام الفصل السابع، إلا أننا نرى أن هذه الحالات تستوجب اتخاذ التدابير اللازمة والملائمة لمواجهتها لأن مثل هذه الحالات والأسباب قد تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين إن لم يكن بصفة مباشرة فبصفة غير مباشرة مما يستوجب مواجهتها باتخاذ التدابير الملائمة والفعالة لمنع تكرار حدوثها تمرة أخرى وللحد من أثارها المتفاقمة والتي ربما تهدد السلم والأمن الدوليين.[152]
    ولعل هذا يدعو إلى إمعان الفكر لضوابط والقيود اللازمة لتحديد ما إذا كان أحد هذه الأسباب يشكل تهديدا للسلم من عدمه وأهم هذه الشروط والضوابط ثلاثة :
    1- حدوث مخالفة لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة كالتهديد بالحرب أو استخدام القوة ضد دولة أخرى أو التهديد بالتدخل في الشؤون الداخلية.
    2- أن يدور العمل المخالف أو أن ينطوي على مجرد التهديد والترويع وليس الاستخدام الفعلي للقوة أو التدخل الفعلي في الشؤون الداخلية.
    3- ألا يتعدى هذا الفعل حدود التهديد إلى الممارسة الفعلية أو إظهار النوايا الجدية في القيام بالعمل المخالف كتحريك قوات أو حشدها أو توجيه أسلحة أو إجراء مناورة على الحدود بالذخيرة الحية.
    ‌ج- الإخلال بالسلم : يحدث الإخلال بالسلم عند التناحر والتصادم بين حكومتين إحداهما شرعية وأخرى فعلية خلف الحدود الدولية المتعارف عليها.
    ويترتب على ذلك ما تقدم من جميع أعمال العنف التي تقع فيما بين جميع الوحدات أو القوات الداخلية بين الجماعات المتظاهرة لا تعد إخلال للسلم والأمن الدوليين ولا يمكن أن يكتب أصحابها أو القائمين بها وصف المحاربين ما لم يحدث هناك تدخل من أطراف خارجية أو الاعتراف بأحد المتصارعين بوصف المحاربين، أما إن اتخذت هذه الوحدات أراضي دولة أخرى مركزا لها للانطلاق منها فإن هذا هو الإخلال بالسلم الفعلي.
    ولقد حدد مجلس الأمن الدولي المقصود بالإخلال بالسلم بالقرار رقم 54 في 15 يوليو عام 1948 بشأن القضية الفلسطينية، حيث اعتبر عدم الادعان لقرار وقف إطلاق النار في فلسطين يمثل مظهرا من مظاهر الإخلال بالسلم وفقا للمادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة.
    كما ذهب مجلس الأمن إلى تكييف غزو قوات كوريا الشمالية لأراضي كوريا الجنوبية باعتباره شكلا من أشكال الإخلال بالسلم، أيضا أعطى مجلس الأمن نفس التكييف لغزو العراق لدولة الكويت في 2 من أغسطس عام 1990.[153]

    يتبع....

    *****
    وليد اسكاف/ نفس المرجع

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد أبريل 28, 2024 12:34 pm